كتاب المواريث
وهي العلم بقسمة التركة بين مستحقيها والأصل فيها قوله -تعالى- في سورة النساء:
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إلى قوله -تعالى-: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
الآيات، وقوله في آخر السورة يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ
إلى آخرها مع حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر متفق عليه.
فقد اشتملت الآيات الكريمة مع حديث ابن عباس على جُل أحكام المواريث وذكرها مفصلة بشروطها، فجعل الله الذكور والإناث من أولاد الصلب وأولاد الابن ومن الإخوة الأشقاء أو لغير أم إذا اجتمعوا يقتسمون المال، وما أبقت الفروض للذكر مثل حظ الأنثيين، وأن الذكور من المذكورين يأخذون المال أو ما أبقت الفروض، وأن الواحدة من البنات لها النصف والثنتين فأكثر لهما الثلثان.
وإذا كانت بنت وبنت ابن فللبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وكذلك الأخوات الشقيقات، واللاتي لأب في الكلالة إذا لم يكن ولد ولا والد وأنه إن استغرقت البنات الثلثين سقط من دونهن من بنات الابن إذا لم يعصبهن ذكر بدرجتهن أو أنزل منهن، وكذلك الشقيقات يسقطن الأخوات لأب إذا لم يعصبهن أخوهن، وأن الإخوة من الأمم والأخوات للواحد منهم السدس، وللاثنين فأكثر الثلث يسوى بين ذكورهم وإناثهم وأنهم لا يرثون مع الفروع مطلقا ولا مع الأصول الذكور، وأن الزوج له النصف مع عدم أولاد الزوجة والربع مع وجودهم، وأن الزوجة فأكثر لها الربع مع عدم أولاد الزوج والثمن مع وجودهم وأن الأم لها السدس مع أحد من الأولاد أو اثنين فأكثر من الإخوة أو الأخوات والثلث مع عدم ذلك، وأن لها ثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين.
وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم رواه أبو داود والنسائي، وأن للأب السدس لا يزيد عليه مع الأولاد الذكور وله السدس مع الإناث، فإن بقي بعد فرضهن شيء أخذه تعصيبا مع عدم الأولاد مطلقا.
نقرأ هذا الذي قرأنا والبقية غدا -إن شاء الله-.
تعرفون أن الفرائض من أهم العلوم؛ ولأجل ذلك أفردت بالتأليف حتى كتب فيها كتب كبار من أكبرها كتاب "العذب الفائض شرح ألفية الفرائض" ألفية فيها ألف بيت كلها تتعلق بالفرائض إلا أنه ألحق بها الوصايا، ثم شرحها هذا الشارح في كتاب كبير في جزأين يعني: مجلد في جزأين، العذب الفائض، ثم توسع فيها العلماء، وكتبوا فيها منهم من أطال ومنهم من اختصر. المؤلف هنا اختصر فيها اختصارا شديدا؛ وذلك لأن القصد معرفة رؤوس المسائل دون التوسع فيها.
تعريفها أنها العلم بقسمة التركة بين مستحقيها وتسمى الفرائض؛ لأن الله -تعالى- قال في آخر الآيات:
فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ
فذكر أنها فريضة، والفرض قالوا في تعريفه:
إنه نصيب مقدر لوارث مخصوص لا يزيد إلا بالرد ولا ينقص إلا بالعول هذا تعريف الفرض:
نصيب مقدر شرعا لوارث مخصوص لا يزيد إلا بالرد ولا ينقص إلا بالعول، يمكن أيضا أن التعريف يحتاج إلى شرح فقوله:
نصيب مقدر يعني: مقدر من الشارع كقوله -تعالى-
فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ
فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
هذا نصيب مقدر السدس، الثلث،
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ النصف،
فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
وَلَهُنَّ الرُّبُعُ
هذا نصيب مقدر شرعا لوارث مخصوص للأم للزوجة للجد، الجد يعني قائم مقام الأب؛ هذا معنى لوارث مخصوص لا يزيد إلا بالرد؛ وذلك إذا لم يوجد عصبة فإنه يرد على أهل الفروض بقدر فروضهم ولا ينقص إلا بالعول وسيأتينا أمثلة للعول غدا إن شاء الله وهو، يعرفون العول بأنه زيادة في السهام نقص في الأنصبة يعني بدل ما يكون الإنسان له السدس لا يأتيه إلا العشر، العشر عندما تكثر الفروض هذا العول.
الحاصل أنه يقول: الأصل فيها الآيات التي في سورة النساء هي آيتان، آيتان فقط يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
هذه الآية فيها فرض البنت وفرض الأبوين وتعصيب الأولاد، وفيها ذكر أن ذلك فريضة، الآية الثانية فيها فرض الزوجين والإخوة من الأم، أما الآية الأخيرة التي في آخر السورة ففيها فرض الإخوة والأخوات
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إلى آخرها،
فالفروض ذكروا أنها ستة: النصف ونصف النصف ونصف نصف النصف، يعني النصف والربع والثمن، الثلثان ونصف الثلثين ونصف نصف الثلثين، أي: الثلثان والثلث والسدس هذه هي الفروض التي في القرآن ذكر النصف في ثلاثة مواضع في قوله -تعالى-:
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
وفي قوله: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ
وفي قوله في آخر السورة: وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ
هذا النصف ذكر ثلاث مرات، الثلثان ذكر مرتين
في قوله -تعالى-: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ
وفي آخر السورة فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ
الثلثان ذكر مرتين، الثلث ذكر مرتين في قوله: وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ
وفي قوله: فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ
السدس ذكر ثلاث مرار في قوله: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
وفي قوله: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ
وفي قوله: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
الربع ذكر مرتين في قوله: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ
و وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ
الثمن ذكر مرة فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
هذه هي الفروض.
اشتملت الآيات الكريمة مع حديث ابن عباس:
ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر
الفرائض التي ذكرها الله -تعالى- يعني: الثلثان والنصف ونصف الثلثين ونصف النصف ونصف نصف الثلثين ونصف نصف النصف، هذه هي الفرائض
ألحقوا الفرائض بأهلها
يعني أعطوها أهلها،
فما بقي فلأولى رجل ذكر
يقول: اشتملت على جل أحكام المواريث ذكرها مفصلة بشروطها، جعل الله للذكور والإناث من أولاد الصلب وأولاد الابن ومن الإخوة الأشقاء لغير أم إذا اجتمعوا يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين
قوله -تعالى- يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
أولادكم: يشمل الأولاد من الصلب ذكورا وإناثا، ويشمل أولاد البنين ذكورا وإناثا، فإذا كان الميت له ثلاثة أبناء وست بنات فإنهم يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، ست بنات لهن النصف وثلاثة أبناء لهن النصف يقسم بينهم على عدد رؤوسهن،
هذا معنى: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
إذا لم يكن له أولاد من صلبه، ولكن له أولاد ابن، ابنه مات قبله ولابن الابن أولاد ذكور وإناث ينزلون منزلة الأولاد يرثون جدهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك لو كانوا أبناء أبناء يعني مات ولداه، لهذا أربعة ذكور، ولهذا خمس إناث وأبواهما قد ماتا، مات الجد يرثه أولاد هذا الذكور وأولاد هذا الإناث، الأولاد في قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ
يدخل فيه الذكر والأنثى؛ لأن الجميع أولاد فيسمى الذكر ولد والأنثى ولد فإذا فصل يقال: ابن وبنت، الأبناء للذكور والبنات للإناث والأولاد للجميع.
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
فدل على أن الأولاد يشمل الذكور والإناث، فكذلك أولاد البنين يقومون مقام الأولاد عند عدم الأولاد، أما إذا كان هناك أولاد وأولاد بنين فمن الذي يرث؟ أولاد الصلب؛ لأن الرسول يقول
فلأولى رجل
يعني أقرب رجل هو الذي يأخذ المال، وأما أولاد الابن فإنهم بعيدون، كذلك أيضا الأشقاء، الإخوة لأب والأشقاء والأخوات ينزلون منزلة الأولاد، فإذا كان له إخوة وأخوات من الأبوين أو من الأب فإنهم يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين إذا كانوا في درجة واحدة، فالله -تعالى- يقول:
وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
هكذا فللذكر مثل حظ الأنثيين. فجعل للإخوة مثل الأولاد، فمعلوم أن الإخوة يتفاوتون، يكونون إخوة أشقاء أو إخوة من الأب فحينئذ من الأولى؟ الأشقاء؛ لأنهم أقوى ولو كان الأب واحدا، لكن هؤلاء يقولون: نحن إخوته من الأم والأب وهؤلاء يقولون إخوته من الأب والرسول يقول:
فلأولى رجل
فأولى رجل هم الأشقاء أولى من الإخوة لأب، فالإخوة الأشقاء والأخوات الشقائق يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا لم يكن هناك أشقاء ولا شقيقات فإن الإخوة من الأب والأخوات من الأب ينزلون منزلتهم فيأخذون المال للذكر مثل حظ الأنثيين فعندنا الآن أربعة:
أولاد الصلب ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين هؤلاء المرتبة الأولى.
الثانية: أولاد الابن أو أولاد البنين إذا استووا في الدرجة ينزلون منزلة الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين.
الثالثة: الإخوة الأشقاء ينزلون منزلة الأبناء وأولاد الأبناء وأبناء الأولاد ينزلون منزلتهم فيقتسمون المال الإخوة الأشقاء والأخوات، فإذا لم يكونوا.
فالرابع: الإخوة من الأب نصيب هؤلاء يسمى تعصيبا، ويقال: إن ذكرهم يعصب أنثاهم؛ وذلك لأنه لو لم يكن إلا إناث لورثن بالفرض.
بنات الميت ما يرثن إلا الفرض، بناته من صلبه إذا لم يكن له إلا بنات فميراثهن الثلثين، وإن كانت واحدة فلها النصف، فإذا كان معهن أخ واحد نقلهن من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب فيأخذون المال هو وهن، للذكر مثل حظ الأنثيين، هكذا ذكر الله، الأخ ينقل أخواته الشقيقات، والأخ من الأب ينقل أخواته لأب من الفرض إلى التعصيب الابن ينقل البنات من الفرض إلى التعصيب ابن الابن ينقل بنات الابن من الفرض إلى التعصيب، يسمى هذا تعصيبا بالغير؛ لأنهن كن يرثن بالفرض فانتقلن إلى الإرث بالتعصيب يأخذون المال، يقتسمونه كله، فإن كان هناك أصحاب فروض أعطينا أصحاب الفروض فروضهم فما بقي فللعصبة، وهو قوله: أو ما أبقت الفروض - سقطت الألف قال: وما أبقت، والصواب أو ما أبقت - يعني أنه إذا اجتمعوا يأخذون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، أو يأخذون ما بقي بعد أهل الفروض، أو يأخذون ما أبقت الفروض من التركة للذكر مثل حظ الأنثيين.
الذكور إذا كان ذكرا واحدا يأخذ المال كله يأخذونه أو ما أبقت الفروض، يعني:
إذا كان له ابن واحد حاز المال، فإذا كان له عشرة أبناء اقتسموا المال، وإذا كان له ابن ابن أخذ المال أو عشرة أبناء ابن اقتسموا المال، إذا كان له أخ واحد ما له إلا هو شقيق أو لأب حاز المال، وإن كان معه إخوة اقتسم معهم، هذا ميراث الذكور، أما الإناث، الإناث من هؤلاء فلهن فروض، البنت الواحدة لها النصف تأخذه بنت الصلب فإذا لم يكن له بنات ولا أبناء وله بنت ابن أخذت النصف، فإذا لم يكن له بنات ولا أبناء ولا بنت ابن ولا بنات ابن ولا أبناء ابن وله أخت شقيقة أخذت النصف، فإذا لم يكن له أشقاء ولا شقيقات وله أخت من الأب أخذت النصف إذا لم يكن معها أخ، البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب كل واحدة منهن إذا انفردت أخذت النصف.
ذكروا أن البنت تأخذه بشرطين ألا يكون معها أخوها؛ لأنه معصب ولا يكون معها أختها؛ لأنها تنقلها إلى الثلثين أما الأخت فتأخذه بثلاثة شروط ألا يكون للميت أولاد ذكور وإناث وألا يكون معها أخوها المعصب ولا أختها المشاركة، الأخت من الأب كذلك أيضا تأخذ النصف بشرط ألا يكون للميت أب ولا جد ولا يكون للميت ابن ولا بنون ولا بنات ولا بنات ابن ولا يكون معها هي أخوها ولا أختها ولا يكون للميت إخوة أشقاء أولى منها.
فشروطها خمسة الأخت من الأب، يقول: الواحدة من البنات لها النصف والثنتين فأكثر لهما الثلثان لقوله:
فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ
وكذلك الأخت لها النصف والأختان الثلثان شقيقة أو لأب، إذا كان بنت وبنت ابن هذه قضى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين؛ لأن الله جعل للبنات الثلثين، فإذا أخذت القريبة النصف فبقية الثلثين للبعيدة ومثلها شقيقة تأخذ النصف وبقية الثلثين السدس يعطي للأخت من الأب بمنزلة بنت الابن تكملة الثلثين، الأخوات الشقائق واللاتي لأب، معروف أيضا أن الله تعالى ما ذكر إرثهن إلا في الكلالة
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ
من هو الكلالة؟ هو من ليس له ولد ولا والد، فإذا كان له أولاد فلا يرث الإخوة، وإذا كان له والد فلا يرث الإخوة يقول: إذا لم يكن ولد ولا والد وأنه إذا استغرقت البنات الثلثين سقط من دونهن من بنات الابن، إذا كان للميت بنتين من صلبه وخمس بنات ابن وعم، بنتيه من الصلب لهما الثلثان، بنات الابن ما لهن شيء، الباقي يأخذه عمه أو أخوه أو ابن عمه لماذا ؟؛ لأن الثلثين قد حصل عليهما البنات القريبات والبنات البعيدات ليس لهن شيء.
لو كان معهن أخوهن ورثن معه إذا قلنا: مثلا بنتين لهما الثلثان، خمس بنات ابن ومعهم ابن ابن أو أنزل منهن ابن ابن ابن، هذا يسمى الأخ المبارك فيعصبهن، يعصبهن ويرثن الباقي، الثلث الباقي لهن مع أخيهن، يعني أنه نقلهن إلى الإرث بالتعصيب فيرثون الباقي بعد البنات ويسبب إرثهن، ومثلهن أيضا الأخوات الشقيقات، إذا كان له أختان شقيتان لهما الثلثان وخمس أخوات من الأب وله عم، الشقيقتان لهما الثلثان، خمس أخوات من الأب ليس لهن شيء الباقي للعم، فإذا قدر أن الأخوات من الأب معهن أخ من الأب فإنه يعصبهن وهو أيضا الأخ المبارك فيرث معهن الثلث الباقي بعد الشقيقتين، للذكر مثل حظ الأنثيين، يعني: الأخ المبارك هو ابن الابن مع أخواته أو مع بنات الابن اللاتي أعلى منه، الأخ لأب مع الأخوات لأب إذا كن ساقطات.
يقول: الأخوات الشقيقات يسقطن الأخوات لأب إذا لم يعصبهن أخوهن، يقول: الإخوة من الأم والأخوات من الأم للواحد منهم السدس وللاثنين فأكثر الثلث يسوى بين ذكورهم وإناثهم، الإخوان من الأم إن كان واحدا له الثلث إن كانوا اثنين أو ثلاثة أو عشرة لهم الثلث ما يزيدون على الثلث، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، هؤلاء الإخوة من الأم هذا فرضهم، الذكر كالأنثى لا يفرق بين ذكرهم وأنثاهم، ولكنهم لا يرثون مع الفروع ولا مع الأصول الذكور يسقطهم الابن والبنت وابن الابن وإن نزل وبنت الابن والأب والجد، هؤلاء الستة يسقطون أولاد الأم، أما الإخوة والأخوات والأم والجدة فلا يسقطونهم يرثون معهم، إذا قلت: الفروع فالمراد بهم الأولاد ذكورا وإناثا وأولاد البنين دون أولاد البنات، أولاد البنات لا يمنعونهم هؤلاء الفروع،الأصول الأب والجد والأم والجدة هؤلاء يسمون أصولا.
ذكر بعد ذلك الزوج، الزوج ميراثه واضح له النصف إن كان لم يكن للزوجة أولاد، فإن كان لها أولاد أو ولد واحد أو ولد ابن، فله الربع، الزوجة أو الزوجتين أو الثلاث أو الأربع إن لم يكن له أولاد لها الربع إن كان له ولد أو ولد ابن لهن الثمن يشتركن فيه، هذا ميراث الزوجات واضح والزوجين، الأم لها السدس بثلاثة شروط: إذا كان للميت أولاد، أو أولاد بنين أو جمع من الإخوة، كل هؤلاء يحجبونها إلى السدس، أي جمع، اثنين فأكثر، فإذا كان للميت أم وأخوان من أم أو أخوان شقيقان أو أخوان من أب أو أخت وأخ فالأم ليس لها إلا السدس، وإذا كان للميت ابن أو ابن ابن أو بنت أو بنت ابن فليس الأم إلا السدس، فإن عدم هؤلاء فلها الثلث.
إذا لم يكن للميت أولاد ولا أولاد بنين ولا جمع من الإخوة فلها الثلث إلا في العمريتين؛ قضى فيهما عمر بأن لها ثلث الباقي حتى لا يكون ميراثها أكثر من ميراث الزوج، العمريتان "زوجة وأبوان" "زوج وأبوان" هذه العمريتان، فإذا كان عندنا زوج وأم وأب أعطينا الزوج النصف، ثم أعطينا الأم الثلث ما يبقى للأب إلا السدس ضرر على الأب، العادة أن الأب يأخذ مثلها مرتين؛ فلأجل ذلك نقول: لها ثلث الباقي بعد الزوج؛ أي لها سدس وللأب الباقي، وكذلك إذا كان عندنا زوجة لها الربع وأم وأب بقي ثلاثة أرباع لها ثلث الباقي ربع وللأب الباقي حتى يكون ميراثها نصف ميراث الأب.
هاتان العمريتان مستثناتان حتى لا يكون لها أكثر من نصف الأب، لها السدس مع أحد من الأولاد، واحد من الأولاد أو اثنين فأكثر من الإخوة أو الأخوات، والثلث مع عدم ذلك وثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين.
جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم إذا وجدت الأم أسقطت الجدة، فإذا لم يكن هناك أم فإن الجدة ترث السدس من هي الجدة؟ ذكروا أن
أم الأم جاءت إلى أبي بكر تسأل ميراثها فسأل الصحابة، فقالوا: قضى لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسدس
ثم في عهد عمر جاءت أم الأب؛ الجدة أم الأب فقال: هو ذلك السدس، السدس الذي لأم الأم ترثه أم الأب، فإن اجتمعا جدة أم أمه وأم أبيه قسم السدس بينهما، وإن انفردت واحدة فإنها تأخذه بشرط عدم الأم، وذهب الظاهرية إلى أن الجدة تقوم مقام الأم فترث الثلث بشروطه، ولكن الجمهور على أنها لا ترث إلا السدس، كل هؤلاء من الورثة أغلبهم أصحاب فروض لا يرثون إلا بالفرض. إلا الأب يقول: الأب له السدس لا يزيد عليه مع الأولاد الذكور، إذا كان للميت ابن واحد وله أب فالأب له السدس والباقي للابن، وكذلك لو كان للميت عشرة أبناء وله أب فلا ينقص عن السدس له السدس والباقي للأبناء، لا يزيد عليه مع الأولاد الذكور، أما إذا كان إناث فإنه يأخذ الباقي بعد الإناث يأخذ السدس فرضا والباقي تعصيبا مع الإناث قليل أو كثير إذا بقي شيء، فمثلا إذا كان عندنا بنت وأب فقط نقول: المسألة من ستة، إذا قلنا: من ستة للأب السدس فرضا وللبنت النصف فرضا ويبقى الثلث يأخذه الأب تعصيبا في هذه الحال بقي ثلث، فإن كان عندنا أب وابنتان فللأب السدس وللبنتين الثلث أربعة ويبقى سدس يأخذه الأب تعصيبا.
فإن كان عندنا زوجة وبنتان وأب، فالمسألة من أربعة وعشرون، الأب له السدس، سدس أربعة وعشرين أربعة والبنات لهما الثلثان، الثلثان ستة عشر، الزوجة لها الثمن ثلاثة، كم بقي؟ بقي واحد من أربعة وعشرين نعطيه الأب، الحاصل أنه يأخذ الباقي بعد البنات قليلا أو كثيرا نعطيه السدس فرضا ونعطيه الباقي تعصيبا، له السدس مع الإناث فإن بقي بعد فرضهن شيء أخذه تعصيبا مع عدم الأولاد مطلقا، أما إذا كان هناك أولاد ذكور فإنهم هم الذين يعصبون.
وبقية الباب نقرأه غدا -إن شاء الله- والله أعلم وصلى الله على محمد .
السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد
ابتدأنا في المواريث، أي: قسمة التركات بين الورثة، وإعطاء كل ما يستحقه من الميراث، وهو العلم الذي بينه الله تعالى في القرآن، ووضح الفرائض، ثم بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم الباقي، ومع ذلك فإنها قد يكون فيها شيء من الغموض، فلأجل ذلك أولاها العلماء العناية، فتكلموا على الفروض، وذكروا أن الفروض ستة كما تقدم.
فذكروا أن أهل الثلث صنفان: الأم والأخوة من الأم.
أهل الثلثين أربعة أصناف: البنات، وبنات الابن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب.
أهل الصنف خمسة: الزوج، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب.
أهل الربع اثنان: الزوج، والزوجة.
أهل الثمن واحد: الزوجة، أو الزوجات.
أهل السدس سبعة: الأم، والأب، والجد، والجدة، وبنت الابن، والأخت لأب، والأخ من أم. ثم ذكروا أحوالهم وتوسعوا؛ توسعوا في أحوالهم، ثم ذكروا العول في الفروض.
فمثلا: نأتي بأحوال بنت الابن، نقول: تارة تأخذ النصف كاملا، وتارة تأخذ النصف عائلا، وتارة تشارك في الثلثين كاملا، وتارة تشارك في الثلثين عائلا، وتارة تأخذ السدس كاملا، وتارة تأخذ السدس عائلا، وتارة تشارك في السدس كاملا، وتارة تشارك في السدس عائلا، وتارة تأخذ المال مع العصبة، أي: مع إخوتها، وتارة تأخذ ما بقي بعد الفروض مع العصبة، وتارة تسقط. فيكون لها أحد عشرة حالة.
ولو جعلنا لكل حالة مثالا لطال بنا التفصيل، ولكنها تؤخذ مما تقدم، فنقول: تأخذ النصف إذا انفردت؛ إذا مات ميت، وله بنت ابن، وله أخت شقيقة، وأخ شقيق، فإن بنت الابن تأخذ النصف، والشقيقة والشقيق يأخذان الباقي تعصيبا، فإذا كان عندنا بنتا ابن، وأخت شقيقة، وأخ شقيق، فإن بنتي الابن لهما الثلثان، والأخت الشقيقة وأخوها لهما الباقي تعصيبا.
فإذا كان عندنا -مثلا- أب، وأم، وزوج، وبنت ابن، نحتاج أن نلقي بعض المسائل لعل الطالب يتمرن على كثرتها، ويعرف كيف تكون المسألة عائلة، وكيف تكون المسألة عادلة؟ فلعلك تكتب هذه المسألة وتتمرن على حلها: أم، وأب، وزوج، وبنت ابن، هذه يعرف كم فرض الأبوين؟ وكم فرض الزوج؟ وكم فرض بنت الابن؟ كذلك إذا كان عندنا -مثلا- أخوات متفرقات؛ أخت شقيقة، وأخت من الأب، وأختان من الأم، وزوجة، وأم، فهذه -أيضا- تحتاج إلى قسمة، وذلك لأنها مما تكثر فيها الفروض، فيعرف كم نصيب الأخت الشقيقة؟ وكم نصيب الأخت من الأب؟ وهكذا الأختين من الأم، فنعرف أن النساء الوارثات كلهن يرثن بالفرض إلا البنت مع أخيها تسمى عصبة بالغير، وبنت الابن مع أخيها تسمى عصبة بالغير، والأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق عصبة بالغير، والأخت من الأب مع أخيها الأخ من الأب عصبة بالغير، ثم هناك أيضا عصبة مع الغير، وهن الأخوات، إذا كان هناك بنات، فإن الأخوات يأخذن ما بقي بعد البنات، ويسمى تعصيبا مع الغير.
وقد ذكرنا دليل ذلك الحديث الذي رواه البخاري: أن أناسا جاءوا إلى أبي موسى، فسألوه عن بنت، وأخت، وبنت ابن فأبو موسى عرف أن في القرآن فرض البنت النصف:
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
وفرض الأخت النصف في قوله تعالى:
وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ
فأعطى الأخت النصف، والبنت النصف، وأسقط بنت الابن، ثم أحالهم على ابن مسعود ليسألوه، فجاءوا إليه، فسألوه، فقال:
لقد ضللت إذًا، وما أنا من المهتدين، لأقضين فيها بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت
الذي بقي للأخت، هل نسميه فرضا ؟
لا نسميه فرضا؛ لأن الأخت لا ترث الفرض إلا مع عدم الفرع الوارث، وعندنا -الآن- فرع وارث ألا وهو البنت، وبنت الابن.
ميراث الأخت فرضا إنما يكون إذا كانت المسألة كلالة، والكلالة: هو من لا والد له ولا ولد، والولد موجود عندنا -الآن- البنت، وبنت الابن من الأولاد، فلا يكون للأخت النصف فرضا، وإنما لها الباقي بعد البنت تعصيبا، ويسمى: تعصيبا مع الغير. فأصبح الآن المعصبون -أهل التعصيب، أو التعصيب- ثلاثة أقسام:
1.عصبة بالنفس 2. وعصبة بالغير 3. وعصبة مع الغير.
وهي العلم بقسمة التركة بين مستحقيها والأصل فيها قوله -تعالى- في سورة النساء:
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إلى قوله -تعالى-: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ
الآيات، وقوله في آخر السورة يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ
إلى آخرها مع حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر متفق عليه.
فقد اشتملت الآيات الكريمة مع حديث ابن عباس على جُل أحكام المواريث وذكرها مفصلة بشروطها، فجعل الله الذكور والإناث من أولاد الصلب وأولاد الابن ومن الإخوة الأشقاء أو لغير أم إذا اجتمعوا يقتسمون المال، وما أبقت الفروض للذكر مثل حظ الأنثيين، وأن الذكور من المذكورين يأخذون المال أو ما أبقت الفروض، وأن الواحدة من البنات لها النصف والثنتين فأكثر لهما الثلثان.
وإذا كانت بنت وبنت ابن فللبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وكذلك الأخوات الشقيقات، واللاتي لأب في الكلالة إذا لم يكن ولد ولا والد وأنه إن استغرقت البنات الثلثين سقط من دونهن من بنات الابن إذا لم يعصبهن ذكر بدرجتهن أو أنزل منهن، وكذلك الشقيقات يسقطن الأخوات لأب إذا لم يعصبهن أخوهن، وأن الإخوة من الأمم والأخوات للواحد منهم السدس، وللاثنين فأكثر الثلث يسوى بين ذكورهم وإناثهم وأنهم لا يرثون مع الفروع مطلقا ولا مع الأصول الذكور، وأن الزوج له النصف مع عدم أولاد الزوجة والربع مع وجودهم، وأن الزوجة فأكثر لها الربع مع عدم أولاد الزوج والثمن مع وجودهم وأن الأم لها السدس مع أحد من الأولاد أو اثنين فأكثر من الإخوة أو الأخوات والثلث مع عدم ذلك، وأن لها ثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين.
وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم رواه أبو داود والنسائي، وأن للأب السدس لا يزيد عليه مع الأولاد الذكور وله السدس مع الإناث، فإن بقي بعد فرضهن شيء أخذه تعصيبا مع عدم الأولاد مطلقا.
نقرأ هذا الذي قرأنا والبقية غدا -إن شاء الله-.
تعرفون أن الفرائض من أهم العلوم؛ ولأجل ذلك أفردت بالتأليف حتى كتب فيها كتب كبار من أكبرها كتاب "العذب الفائض شرح ألفية الفرائض" ألفية فيها ألف بيت كلها تتعلق بالفرائض إلا أنه ألحق بها الوصايا، ثم شرحها هذا الشارح في كتاب كبير في جزأين يعني: مجلد في جزأين، العذب الفائض، ثم توسع فيها العلماء، وكتبوا فيها منهم من أطال ومنهم من اختصر. المؤلف هنا اختصر فيها اختصارا شديدا؛ وذلك لأن القصد معرفة رؤوس المسائل دون التوسع فيها.
تعريفها أنها العلم بقسمة التركة بين مستحقيها وتسمى الفرائض؛ لأن الله -تعالى- قال في آخر الآيات:
فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ
فذكر أنها فريضة، والفرض قالوا في تعريفه:
إنه نصيب مقدر لوارث مخصوص لا يزيد إلا بالرد ولا ينقص إلا بالعول هذا تعريف الفرض:
نصيب مقدر شرعا لوارث مخصوص لا يزيد إلا بالرد ولا ينقص إلا بالعول، يمكن أيضا أن التعريف يحتاج إلى شرح فقوله:
نصيب مقدر يعني: مقدر من الشارع كقوله -تعالى-
فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ
فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
هذا نصيب مقدر السدس، الثلث،
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ النصف،
فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
وَلَهُنَّ الرُّبُعُ
هذا نصيب مقدر شرعا لوارث مخصوص للأم للزوجة للجد، الجد يعني قائم مقام الأب؛ هذا معنى لوارث مخصوص لا يزيد إلا بالرد؛ وذلك إذا لم يوجد عصبة فإنه يرد على أهل الفروض بقدر فروضهم ولا ينقص إلا بالعول وسيأتينا أمثلة للعول غدا إن شاء الله وهو، يعرفون العول بأنه زيادة في السهام نقص في الأنصبة يعني بدل ما يكون الإنسان له السدس لا يأتيه إلا العشر، العشر عندما تكثر الفروض هذا العول.
الحاصل أنه يقول: الأصل فيها الآيات التي في سورة النساء هي آيتان، آيتان فقط يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
هذه الآية فيها فرض البنت وفرض الأبوين وتعصيب الأولاد، وفيها ذكر أن ذلك فريضة، الآية الثانية فيها فرض الزوجين والإخوة من الأم، أما الآية الأخيرة التي في آخر السورة ففيها فرض الإخوة والأخوات
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إلى آخرها،
فالفروض ذكروا أنها ستة: النصف ونصف النصف ونصف نصف النصف، يعني النصف والربع والثمن، الثلثان ونصف الثلثين ونصف نصف الثلثين، أي: الثلثان والثلث والسدس هذه هي الفروض التي في القرآن ذكر النصف في ثلاثة مواضع في قوله -تعالى-:
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
وفي قوله: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ
وفي قوله في آخر السورة: وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ
هذا النصف ذكر ثلاث مرات، الثلثان ذكر مرتين
في قوله -تعالى-: فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ
وفي آخر السورة فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ
الثلثان ذكر مرتين، الثلث ذكر مرتين في قوله: وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ
وفي قوله: فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ
السدس ذكر ثلاث مرار في قوله: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
وفي قوله: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ
وفي قوله: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
الربع ذكر مرتين في قوله: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ
و وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ
الثمن ذكر مرة فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
هذه هي الفروض.
اشتملت الآيات الكريمة مع حديث ابن عباس:
ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر
الفرائض التي ذكرها الله -تعالى- يعني: الثلثان والنصف ونصف الثلثين ونصف النصف ونصف نصف الثلثين ونصف نصف النصف، هذه هي الفرائض
ألحقوا الفرائض بأهلها
يعني أعطوها أهلها،
فما بقي فلأولى رجل ذكر
يقول: اشتملت على جل أحكام المواريث ذكرها مفصلة بشروطها، جعل الله للذكور والإناث من أولاد الصلب وأولاد الابن ومن الإخوة الأشقاء لغير أم إذا اجتمعوا يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين
قوله -تعالى- يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
أولادكم: يشمل الأولاد من الصلب ذكورا وإناثا، ويشمل أولاد البنين ذكورا وإناثا، فإذا كان الميت له ثلاثة أبناء وست بنات فإنهم يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، ست بنات لهن النصف وثلاثة أبناء لهن النصف يقسم بينهم على عدد رؤوسهن،
هذا معنى: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
إذا لم يكن له أولاد من صلبه، ولكن له أولاد ابن، ابنه مات قبله ولابن الابن أولاد ذكور وإناث ينزلون منزلة الأولاد يرثون جدهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك لو كانوا أبناء أبناء يعني مات ولداه، لهذا أربعة ذكور، ولهذا خمس إناث وأبواهما قد ماتا، مات الجد يرثه أولاد هذا الذكور وأولاد هذا الإناث، الأولاد في قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ
يدخل فيه الذكر والأنثى؛ لأن الجميع أولاد فيسمى الذكر ولد والأنثى ولد فإذا فصل يقال: ابن وبنت، الأبناء للذكور والبنات للإناث والأولاد للجميع.
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
فدل على أن الأولاد يشمل الذكور والإناث، فكذلك أولاد البنين يقومون مقام الأولاد عند عدم الأولاد، أما إذا كان هناك أولاد وأولاد بنين فمن الذي يرث؟ أولاد الصلب؛ لأن الرسول يقول
فلأولى رجل
يعني أقرب رجل هو الذي يأخذ المال، وأما أولاد الابن فإنهم بعيدون، كذلك أيضا الأشقاء، الإخوة لأب والأشقاء والأخوات ينزلون منزلة الأولاد، فإذا كان له إخوة وأخوات من الأبوين أو من الأب فإنهم يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين إذا كانوا في درجة واحدة، فالله -تعالى- يقول:
وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
هكذا فللذكر مثل حظ الأنثيين. فجعل للإخوة مثل الأولاد، فمعلوم أن الإخوة يتفاوتون، يكونون إخوة أشقاء أو إخوة من الأب فحينئذ من الأولى؟ الأشقاء؛ لأنهم أقوى ولو كان الأب واحدا، لكن هؤلاء يقولون: نحن إخوته من الأم والأب وهؤلاء يقولون إخوته من الأب والرسول يقول:
فلأولى رجل
فأولى رجل هم الأشقاء أولى من الإخوة لأب، فالإخوة الأشقاء والأخوات الشقائق يقتسمون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا لم يكن هناك أشقاء ولا شقيقات فإن الإخوة من الأب والأخوات من الأب ينزلون منزلتهم فيأخذون المال للذكر مثل حظ الأنثيين فعندنا الآن أربعة:
أولاد الصلب ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين هؤلاء المرتبة الأولى.
الثانية: أولاد الابن أو أولاد البنين إذا استووا في الدرجة ينزلون منزلة الأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين.
الثالثة: الإخوة الأشقاء ينزلون منزلة الأبناء وأولاد الأبناء وأبناء الأولاد ينزلون منزلتهم فيقتسمون المال الإخوة الأشقاء والأخوات، فإذا لم يكونوا.
فالرابع: الإخوة من الأب نصيب هؤلاء يسمى تعصيبا، ويقال: إن ذكرهم يعصب أنثاهم؛ وذلك لأنه لو لم يكن إلا إناث لورثن بالفرض.
بنات الميت ما يرثن إلا الفرض، بناته من صلبه إذا لم يكن له إلا بنات فميراثهن الثلثين، وإن كانت واحدة فلها النصف، فإذا كان معهن أخ واحد نقلهن من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب فيأخذون المال هو وهن، للذكر مثل حظ الأنثيين، هكذا ذكر الله، الأخ ينقل أخواته الشقيقات، والأخ من الأب ينقل أخواته لأب من الفرض إلى التعصيب الابن ينقل البنات من الفرض إلى التعصيب ابن الابن ينقل بنات الابن من الفرض إلى التعصيب، يسمى هذا تعصيبا بالغير؛ لأنهن كن يرثن بالفرض فانتقلن إلى الإرث بالتعصيب يأخذون المال، يقتسمونه كله، فإن كان هناك أصحاب فروض أعطينا أصحاب الفروض فروضهم فما بقي فللعصبة، وهو قوله: أو ما أبقت الفروض - سقطت الألف قال: وما أبقت، والصواب أو ما أبقت - يعني أنه إذا اجتمعوا يأخذون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، أو يأخذون ما بقي بعد أهل الفروض، أو يأخذون ما أبقت الفروض من التركة للذكر مثل حظ الأنثيين.
الذكور إذا كان ذكرا واحدا يأخذ المال كله يأخذونه أو ما أبقت الفروض، يعني:
إذا كان له ابن واحد حاز المال، فإذا كان له عشرة أبناء اقتسموا المال، وإذا كان له ابن ابن أخذ المال أو عشرة أبناء ابن اقتسموا المال، إذا كان له أخ واحد ما له إلا هو شقيق أو لأب حاز المال، وإن كان معه إخوة اقتسم معهم، هذا ميراث الذكور، أما الإناث، الإناث من هؤلاء فلهن فروض، البنت الواحدة لها النصف تأخذه بنت الصلب فإذا لم يكن له بنات ولا أبناء وله بنت ابن أخذت النصف، فإذا لم يكن له بنات ولا أبناء ولا بنت ابن ولا بنات ابن ولا أبناء ابن وله أخت شقيقة أخذت النصف، فإذا لم يكن له أشقاء ولا شقيقات وله أخت من الأب أخذت النصف إذا لم يكن معها أخ، البنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب كل واحدة منهن إذا انفردت أخذت النصف.
ذكروا أن البنت تأخذه بشرطين ألا يكون معها أخوها؛ لأنه معصب ولا يكون معها أختها؛ لأنها تنقلها إلى الثلثين أما الأخت فتأخذه بثلاثة شروط ألا يكون للميت أولاد ذكور وإناث وألا يكون معها أخوها المعصب ولا أختها المشاركة، الأخت من الأب كذلك أيضا تأخذ النصف بشرط ألا يكون للميت أب ولا جد ولا يكون للميت ابن ولا بنون ولا بنات ولا بنات ابن ولا يكون معها هي أخوها ولا أختها ولا يكون للميت إخوة أشقاء أولى منها.
فشروطها خمسة الأخت من الأب، يقول: الواحدة من البنات لها النصف والثنتين فأكثر لهما الثلثان لقوله:
فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ
وكذلك الأخت لها النصف والأختان الثلثان شقيقة أو لأب، إذا كان بنت وبنت ابن هذه قضى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين؛ لأن الله جعل للبنات الثلثين، فإذا أخذت القريبة النصف فبقية الثلثين للبعيدة ومثلها شقيقة تأخذ النصف وبقية الثلثين السدس يعطي للأخت من الأب بمنزلة بنت الابن تكملة الثلثين، الأخوات الشقائق واللاتي لأب، معروف أيضا أن الله تعالى ما ذكر إرثهن إلا في الكلالة
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ
من هو الكلالة؟ هو من ليس له ولد ولا والد، فإذا كان له أولاد فلا يرث الإخوة، وإذا كان له والد فلا يرث الإخوة يقول: إذا لم يكن ولد ولا والد وأنه إذا استغرقت البنات الثلثين سقط من دونهن من بنات الابن، إذا كان للميت بنتين من صلبه وخمس بنات ابن وعم، بنتيه من الصلب لهما الثلثان، بنات الابن ما لهن شيء، الباقي يأخذه عمه أو أخوه أو ابن عمه لماذا ؟؛ لأن الثلثين قد حصل عليهما البنات القريبات والبنات البعيدات ليس لهن شيء.
لو كان معهن أخوهن ورثن معه إذا قلنا: مثلا بنتين لهما الثلثان، خمس بنات ابن ومعهم ابن ابن أو أنزل منهن ابن ابن ابن، هذا يسمى الأخ المبارك فيعصبهن، يعصبهن ويرثن الباقي، الثلث الباقي لهن مع أخيهن، يعني أنه نقلهن إلى الإرث بالتعصيب فيرثون الباقي بعد البنات ويسبب إرثهن، ومثلهن أيضا الأخوات الشقيقات، إذا كان له أختان شقيتان لهما الثلثان وخمس أخوات من الأب وله عم، الشقيقتان لهما الثلثان، خمس أخوات من الأب ليس لهن شيء الباقي للعم، فإذا قدر أن الأخوات من الأب معهن أخ من الأب فإنه يعصبهن وهو أيضا الأخ المبارك فيرث معهن الثلث الباقي بعد الشقيقتين، للذكر مثل حظ الأنثيين، يعني: الأخ المبارك هو ابن الابن مع أخواته أو مع بنات الابن اللاتي أعلى منه، الأخ لأب مع الأخوات لأب إذا كن ساقطات.
يقول: الأخوات الشقيقات يسقطن الأخوات لأب إذا لم يعصبهن أخوهن، يقول: الإخوة من الأم والأخوات من الأم للواحد منهم السدس وللاثنين فأكثر الثلث يسوى بين ذكورهم وإناثهم، الإخوان من الأم إن كان واحدا له الثلث إن كانوا اثنين أو ثلاثة أو عشرة لهم الثلث ما يزيدون على الثلث، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، هؤلاء الإخوة من الأم هذا فرضهم، الذكر كالأنثى لا يفرق بين ذكرهم وأنثاهم، ولكنهم لا يرثون مع الفروع ولا مع الأصول الذكور يسقطهم الابن والبنت وابن الابن وإن نزل وبنت الابن والأب والجد، هؤلاء الستة يسقطون أولاد الأم، أما الإخوة والأخوات والأم والجدة فلا يسقطونهم يرثون معهم، إذا قلت: الفروع فالمراد بهم الأولاد ذكورا وإناثا وأولاد البنين دون أولاد البنات، أولاد البنات لا يمنعونهم هؤلاء الفروع،الأصول الأب والجد والأم والجدة هؤلاء يسمون أصولا.
ذكر بعد ذلك الزوج، الزوج ميراثه واضح له النصف إن كان لم يكن للزوجة أولاد، فإن كان لها أولاد أو ولد واحد أو ولد ابن، فله الربع، الزوجة أو الزوجتين أو الثلاث أو الأربع إن لم يكن له أولاد لها الربع إن كان له ولد أو ولد ابن لهن الثمن يشتركن فيه، هذا ميراث الزوجات واضح والزوجين، الأم لها السدس بثلاثة شروط: إذا كان للميت أولاد، أو أولاد بنين أو جمع من الإخوة، كل هؤلاء يحجبونها إلى السدس، أي جمع، اثنين فأكثر، فإذا كان للميت أم وأخوان من أم أو أخوان شقيقان أو أخوان من أب أو أخت وأخ فالأم ليس لها إلا السدس، وإذا كان للميت ابن أو ابن ابن أو بنت أو بنت ابن فليس الأم إلا السدس، فإن عدم هؤلاء فلها الثلث.
إذا لم يكن للميت أولاد ولا أولاد بنين ولا جمع من الإخوة فلها الثلث إلا في العمريتين؛ قضى فيهما عمر بأن لها ثلث الباقي حتى لا يكون ميراثها أكثر من ميراث الزوج، العمريتان "زوجة وأبوان" "زوج وأبوان" هذه العمريتان، فإذا كان عندنا زوج وأم وأب أعطينا الزوج النصف، ثم أعطينا الأم الثلث ما يبقى للأب إلا السدس ضرر على الأب، العادة أن الأب يأخذ مثلها مرتين؛ فلأجل ذلك نقول: لها ثلث الباقي بعد الزوج؛ أي لها سدس وللأب الباقي، وكذلك إذا كان عندنا زوجة لها الربع وأم وأب بقي ثلاثة أرباع لها ثلث الباقي ربع وللأب الباقي حتى يكون ميراثها نصف ميراث الأب.
هاتان العمريتان مستثناتان حتى لا يكون لها أكثر من نصف الأب، لها السدس مع أحد من الأولاد، واحد من الأولاد أو اثنين فأكثر من الإخوة أو الأخوات، والثلث مع عدم ذلك وثلث الباقي في زوج وأبوين أو زوجة وأبوين.
جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم إذا وجدت الأم أسقطت الجدة، فإذا لم يكن هناك أم فإن الجدة ترث السدس من هي الجدة؟ ذكروا أن
أم الأم جاءت إلى أبي بكر تسأل ميراثها فسأل الصحابة، فقالوا: قضى لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسدس
ثم في عهد عمر جاءت أم الأب؛ الجدة أم الأب فقال: هو ذلك السدس، السدس الذي لأم الأم ترثه أم الأب، فإن اجتمعا جدة أم أمه وأم أبيه قسم السدس بينهما، وإن انفردت واحدة فإنها تأخذه بشرط عدم الأم، وذهب الظاهرية إلى أن الجدة تقوم مقام الأم فترث الثلث بشروطه، ولكن الجمهور على أنها لا ترث إلا السدس، كل هؤلاء من الورثة أغلبهم أصحاب فروض لا يرثون إلا بالفرض. إلا الأب يقول: الأب له السدس لا يزيد عليه مع الأولاد الذكور، إذا كان للميت ابن واحد وله أب فالأب له السدس والباقي للابن، وكذلك لو كان للميت عشرة أبناء وله أب فلا ينقص عن السدس له السدس والباقي للأبناء، لا يزيد عليه مع الأولاد الذكور، أما إذا كان إناث فإنه يأخذ الباقي بعد الإناث يأخذ السدس فرضا والباقي تعصيبا مع الإناث قليل أو كثير إذا بقي شيء، فمثلا إذا كان عندنا بنت وأب فقط نقول: المسألة من ستة، إذا قلنا: من ستة للأب السدس فرضا وللبنت النصف فرضا ويبقى الثلث يأخذه الأب تعصيبا في هذه الحال بقي ثلث، فإن كان عندنا أب وابنتان فللأب السدس وللبنتين الثلث أربعة ويبقى سدس يأخذه الأب تعصيبا.
فإن كان عندنا زوجة وبنتان وأب، فالمسألة من أربعة وعشرون، الأب له السدس، سدس أربعة وعشرين أربعة والبنات لهما الثلثان، الثلثان ستة عشر، الزوجة لها الثمن ثلاثة، كم بقي؟ بقي واحد من أربعة وعشرين نعطيه الأب، الحاصل أنه يأخذ الباقي بعد البنات قليلا أو كثيرا نعطيه السدس فرضا ونعطيه الباقي تعصيبا، له السدس مع الإناث فإن بقي بعد فرضهن شيء أخذه تعصيبا مع عدم الأولاد مطلقا، أما إذا كان هناك أولاد ذكور فإنهم هم الذين يعصبون.
وبقية الباب نقرأه غدا -إن شاء الله- والله أعلم وصلى الله على محمد .
السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد
ابتدأنا في المواريث، أي: قسمة التركات بين الورثة، وإعطاء كل ما يستحقه من الميراث، وهو العلم الذي بينه الله تعالى في القرآن، ووضح الفرائض، ثم بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم الباقي، ومع ذلك فإنها قد يكون فيها شيء من الغموض، فلأجل ذلك أولاها العلماء العناية، فتكلموا على الفروض، وذكروا أن الفروض ستة كما تقدم.
فذكروا أن أهل الثلث صنفان: الأم والأخوة من الأم.
أهل الثلثين أربعة أصناف: البنات، وبنات الابن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب.
أهل الصنف خمسة: الزوج، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب.
أهل الربع اثنان: الزوج، والزوجة.
أهل الثمن واحد: الزوجة، أو الزوجات.
أهل السدس سبعة: الأم، والأب، والجد، والجدة، وبنت الابن، والأخت لأب، والأخ من أم. ثم ذكروا أحوالهم وتوسعوا؛ توسعوا في أحوالهم، ثم ذكروا العول في الفروض.
فمثلا: نأتي بأحوال بنت الابن، نقول: تارة تأخذ النصف كاملا، وتارة تأخذ النصف عائلا، وتارة تشارك في الثلثين كاملا، وتارة تشارك في الثلثين عائلا، وتارة تأخذ السدس كاملا، وتارة تأخذ السدس عائلا، وتارة تشارك في السدس كاملا، وتارة تشارك في السدس عائلا، وتارة تأخذ المال مع العصبة، أي: مع إخوتها، وتارة تأخذ ما بقي بعد الفروض مع العصبة، وتارة تسقط. فيكون لها أحد عشرة حالة.
ولو جعلنا لكل حالة مثالا لطال بنا التفصيل، ولكنها تؤخذ مما تقدم، فنقول: تأخذ النصف إذا انفردت؛ إذا مات ميت، وله بنت ابن، وله أخت شقيقة، وأخ شقيق، فإن بنت الابن تأخذ النصف، والشقيقة والشقيق يأخذان الباقي تعصيبا، فإذا كان عندنا بنتا ابن، وأخت شقيقة، وأخ شقيق، فإن بنتي الابن لهما الثلثان، والأخت الشقيقة وأخوها لهما الباقي تعصيبا.
فإذا كان عندنا -مثلا- أب، وأم، وزوج، وبنت ابن، نحتاج أن نلقي بعض المسائل لعل الطالب يتمرن على كثرتها، ويعرف كيف تكون المسألة عائلة، وكيف تكون المسألة عادلة؟ فلعلك تكتب هذه المسألة وتتمرن على حلها: أم، وأب، وزوج، وبنت ابن، هذه يعرف كم فرض الأبوين؟ وكم فرض الزوج؟ وكم فرض بنت الابن؟ كذلك إذا كان عندنا -مثلا- أخوات متفرقات؛ أخت شقيقة، وأخت من الأب، وأختان من الأم، وزوجة، وأم، فهذه -أيضا- تحتاج إلى قسمة، وذلك لأنها مما تكثر فيها الفروض، فيعرف كم نصيب الأخت الشقيقة؟ وكم نصيب الأخت من الأب؟ وهكذا الأختين من الأم، فنعرف أن النساء الوارثات كلهن يرثن بالفرض إلا البنت مع أخيها تسمى عصبة بالغير، وبنت الابن مع أخيها تسمى عصبة بالغير، والأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق عصبة بالغير، والأخت من الأب مع أخيها الأخ من الأب عصبة بالغير، ثم هناك أيضا عصبة مع الغير، وهن الأخوات، إذا كان هناك بنات، فإن الأخوات يأخذن ما بقي بعد البنات، ويسمى تعصيبا مع الغير.
وقد ذكرنا دليل ذلك الحديث الذي رواه البخاري: أن أناسا جاءوا إلى أبي موسى، فسألوه عن بنت، وأخت، وبنت ابن فأبو موسى عرف أن في القرآن فرض البنت النصف:
وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
وفرض الأخت النصف في قوله تعالى:
وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ
فأعطى الأخت النصف، والبنت النصف، وأسقط بنت الابن، ثم أحالهم على ابن مسعود ليسألوه، فجاءوا إليه، فسألوه، فقال:
لقد ضللت إذًا، وما أنا من المهتدين، لأقضين فيها بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت
الذي بقي للأخت، هل نسميه فرضا ؟
لا نسميه فرضا؛ لأن الأخت لا ترث الفرض إلا مع عدم الفرع الوارث، وعندنا -الآن- فرع وارث ألا وهو البنت، وبنت الابن.
ميراث الأخت فرضا إنما يكون إذا كانت المسألة كلالة، والكلالة: هو من لا والد له ولا ولد، والولد موجود عندنا -الآن- البنت، وبنت الابن من الأولاد، فلا يكون للأخت النصف فرضا، وإنما لها الباقي بعد البنت تعصيبا، ويسمى: تعصيبا مع الغير. فأصبح الآن المعصبون -أهل التعصيب، أو التعصيب- ثلاثة أقسام:
1.عصبة بالنفس 2. وعصبة بالغير 3. وعصبة مع الغير.