تتمة خطبة الحجاب الدكتور عصام بن هاشم الجفري
اللهم لك الحمد أنت ولينا وأنت نصيرنا وأنت ظهيرنا وأنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير لك الحمد ربي حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضا ولك الحمد على حمدنا إياك ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : فأوصيكم أحبتي بالتزود ليوم الحساب وهول المطلع فقد أوصانا بذلك ربنا إذ يقول :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}([1]).معاشر الأحبة تحدثت في الخطبة الماضية عن بعض مظاهر للتفريط في الحجاب أخذت تظهر بين بعض الناس في المجتمع المكي الطاهر،واليوم أكمل الحديث بالتعرض لبعض الأخطاء في هذا الجانب التي قد يقع فيها البعض بغير قصد في جانب الحجاب؛فمن تلك الأخطاء عدم التقيد بآداب الحجاب في المنزل ، وقد يعجب البعض فيقول أحجاب في المنزل؟ فأقول له لا تعجل علي فلم أرد من الحجاب ما يتبادر إلى ذهنك من لبس العباءة وغطاء الوجه في المنزل ، ولكن أيضاً هناك آداب ينبغي للمرأة والرجل أن يلتزموا بها في المنزل والأساس في ذلك ماورد في آية الاستئذان إذ يقول تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}([2]) فلما كان هذا الاستئذان أليس من أجل أن لا تنكشف العورات حتى داخل البيت ، وفي تنظيم الحجاب يقول صلى الله عليه وسلم : ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ))([3]) يقول صاحب عون المعبودوَفَرِّقُوا):أَمْر مِنْ التَّفْرِيق(بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع):أَيْ الْمَرَاقِد.قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير:أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة إِنْ كُنَّ أَخَوَات.قَالَ الطِّيبِيُّ,جَمَعَ بَيْن الْأَمْر بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْق بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع فِي الطُّفُولِيَّة تَأْدِيبًا لَهُمْ وَمُحَافَظَة لِأَمْرِ اللَّه كُلّه وَتَعْلِيمًا لَهُمْ وَالْمُعَاشَرَة بَيْن الْخَلْق,وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِف التُّهَم فَيَجْتَنِبُوا الْمَحَارِم اِنْتَهَى.)([4])،وهناك بعض من الأباء لا يُلقون لهذه القضية بالاً مع أنها قد تكون مشكلة عظيمة بالنسبة للأولاد،ولقد قرأت خلال الشهر الماضي في صحيفة محلية([5]) شاب يصرخ ويشتكي من وضع بيته فيقول لم أعد أستطيع المكوث في البيت طويلاً واضطررت إلى البقاء خارج المنزل أطول فترة ممكنة أتدرون ما هو السبب؟ أنه عدم الالتزام بآداب الحجاب في المنزل حيث يقول ذلك الشاب إن أخواتي يلبسن في المنزل ملابس ضيقة من بنطلونات ونحوها أو شفافة مما يُبرز مفاتنهن وأنا شاب تفور الشهوة في جسدي وهن لا يُقدرن حالي وأبي وأمي في غفلة عن الأمر فأصبحت أخشى على أخواتي مني فاخترت البقاء خارج المنزل حتى لا أقع في محذور،فهذا شاب جهر بشكواه وكم من شاب يكتم ما به ويستحي أن يصارح والديه بما في نفسه وبالمقابل كم من فتاة أيضاً قد يتكشف أمامها اخوتها فتعاني ما تعاني ولا تستطيع الحديث بما تعاني،فهل يتنبه الأباء والأمهات لهذه القضية؟ وهناك قضية أخطر منها يفرط فيها بعض الأباء والأمهات ألا وهي ترك الأبناء ذكوراً وإناثاً في الليل وبالذات في ليالي الإجازات يتابعن فحش القنوات بينما يذهب الأبوان للنوم،فيرى الأبناء ما يهيج الغرائز ويثير كوامن الشهوات وهم في قمة الاشتعال ينظر الولد فلا يرى إلى جواره إلا أخته وتنظر الأخت فلا ترى إلى جوارها إلا أخاها والقلب قد ضعف الإيمان فيه والليل يسترهم بظلمته والأبوان نائمان فيقع المحذور وقد تتكرر الجريمة وقد سمعنا وسمعتم بوقوع مثل ذلك فمن بالله عليكم الجاني هنا ؟
ومما تقع فيه بعض النساء التخفف من الملابس داخل البيت بشكل يبدي العورة والتزين بحجة أنها تتزين لزوجها فنقول لها إن زينتك لزوجك أمر حث عليه الشرع وهو مما تؤجرين عليه الأجر العظيم لكن لا يكون ذلك بشكل فاضح أمام الأولاد،وليكن في المخدع الخاص حيث لا يراك إلا هو،فتذكري أنك قدوة لبنياتك وهم ينظرون إليك ما ذا تفعلي فيقلدونك.ومن الأخطاء التي يقع فيها البعض داخل المنزل معاملة الخادمات حتى أن شاباً جاء يستنجد بداعية يقول له إن أبي يقول بأن الخادمة ملك يمين فأرجوك أن تبين له،فجاء الداعية وأخذ يحاور ذلك الأب الذي كان مقتنعاً بما زينه الشيطان له وأقنعه بعد جهد كبير،ولا يُتصور أن هناك الكثير ممن عندهم نفس التصور ولكن هناك من عنده تساهل في الأمر فالخادمة تحضر الطعام وأفراد الأسر جالسون من أب وأبناء في سن المراهقة ولا يرون في ذلك بأساً ومنهم من يكون عنده حرص أكبر فيأمرها أن تغطي شعرها،ومنهم من تُحضر له كأس العصير أو الماء أو تحضر له ملابسه،فنقول لأمثال هؤلاء أيها الأحبة إن الخادمة امرأة أجنبية لا يجوز للرجل أياً كان أن يُحادثها أو ينظر إلى وجهها أو أي جزء من بدنها،نقول لمن يفعل ذلك هذه امرأة مسلمة اضطرتها الظروف إلى هذا العمل ولو كانت زوجتك أو ابنتك في مكانها أكنت ترضى أن تعامل كما تعاملها أنت؟ومن الأسر من تذهب الزوجة إلى العمل أو إلى مناسبة من فرح أو نحوه وتترك الرجل مع الخادمة ! أو يخرج الأبوان ويتركان شباباً في سن المراهقة مع الخادمة بحجة أن أمامها أعمال يجب أن تنجزها وأن الأولاد قد أحسنوا تربيتهم ! فنقول لهؤلاء أن هذه خلوة محرمة شرعاً يقول فيها صلى الله عليه وسلم : ((..أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ..))([6]) ،وكم عن نتيجة هذا التساهل من قصص تستحي منها الفضيلة، ويخجل منها الحياء .أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ()وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ()}([7])
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن في المقابل هناك من تفرط من النساء في التعامل مع الرجال الجانب ممن يقومون على خدمة الأسرة أو ممن هم على كفالة الزوج فنجدها تتحدث مع السائق في كل صغيرة وكبيرة مع أن هناك في البيت من يكفيها المؤونة من زوج وأولاد،وكذا قد يُتساهل في ذهاب البنات معه منفردات إلى السوق أو إلى المدرسة فلماذا لا يوصل البنات أولاً ثم يوصل الأولاد؟وكم تنشأ من مفاسد نتيجة التساهل في مثل تلك الأمور التي قد ينظر البعض من الناس إليها أنها بسيطة وليست ذات شأن.ومما يُتساهل فيه الهاتف والرد عليه فيكون في البيت الرجال والأولاد لكن تلاحظ أن المرأة أو البنت هي أول من يرفع سماعة الهاتف ! فلما لا يتم وضع نظام بأن أول من يرفع السماعة في البيت الرجل أو الأولاد فإن كانت المتصلة امرأة تم توصيلها بمن تريد ،لأن البيت الذي غالباً ما ترد فيه النساء يطمع فيه سفلة القوم من المعاكسين ونحوهم ، بينما إذا وجدوا أن في كل اتصال يجيبهم رجل فإنهم سوف ييئسون من ذلك البيت،ومن التساهل في هذا الأمر أن يكون لكل شاب أو فتاة بالبيت هاتف خاص به في غرفته يحدث فيه من يشاء،فيكون عرضة لمكر الشيطان وكيده.والموضوع يطول ولكن حسبي ما ذكرت والأمور يقاس عليها، واسأل الله أن يجنبنا جميعاً وأهلينا المزالق والفتن إنه ولي ذلك والقادر عليه.
اللهم لك الحمد أنت ولينا وأنت نصيرنا وأنت ظهيرنا وأنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير لك الحمد ربي حتى ترضى ولك الحمد بعد الرضا ولك الحمد على حمدنا إياك ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : فأوصيكم أحبتي بالتزود ليوم الحساب وهول المطلع فقد أوصانا بذلك ربنا إذ يقول :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}([1]).معاشر الأحبة تحدثت في الخطبة الماضية عن بعض مظاهر للتفريط في الحجاب أخذت تظهر بين بعض الناس في المجتمع المكي الطاهر،واليوم أكمل الحديث بالتعرض لبعض الأخطاء في هذا الجانب التي قد يقع فيها البعض بغير قصد في جانب الحجاب؛فمن تلك الأخطاء عدم التقيد بآداب الحجاب في المنزل ، وقد يعجب البعض فيقول أحجاب في المنزل؟ فأقول له لا تعجل علي فلم أرد من الحجاب ما يتبادر إلى ذهنك من لبس العباءة وغطاء الوجه في المنزل ، ولكن أيضاً هناك آداب ينبغي للمرأة والرجل أن يلتزموا بها في المنزل والأساس في ذلك ماورد في آية الاستئذان إذ يقول تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}([2]) فلما كان هذا الاستئذان أليس من أجل أن لا تنكشف العورات حتى داخل البيت ، وفي تنظيم الحجاب يقول صلى الله عليه وسلم : ((مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ))([3]) يقول صاحب عون المعبودوَفَرِّقُوا):أَمْر مِنْ التَّفْرِيق(بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع):أَيْ الْمَرَاقِد.قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْح الْقَدِير شَرْح الْجَامِع الصَّغِير:أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة إِنْ كُنَّ أَخَوَات.قَالَ الطِّيبِيُّ,جَمَعَ بَيْن الْأَمْر بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْق بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع فِي الطُّفُولِيَّة تَأْدِيبًا لَهُمْ وَمُحَافَظَة لِأَمْرِ اللَّه كُلّه وَتَعْلِيمًا لَهُمْ وَالْمُعَاشَرَة بَيْن الْخَلْق,وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِف التُّهَم فَيَجْتَنِبُوا الْمَحَارِم اِنْتَهَى.)([4])،وهناك بعض من الأباء لا يُلقون لهذه القضية بالاً مع أنها قد تكون مشكلة عظيمة بالنسبة للأولاد،ولقد قرأت خلال الشهر الماضي في صحيفة محلية([5]) شاب يصرخ ويشتكي من وضع بيته فيقول لم أعد أستطيع المكوث في البيت طويلاً واضطررت إلى البقاء خارج المنزل أطول فترة ممكنة أتدرون ما هو السبب؟ أنه عدم الالتزام بآداب الحجاب في المنزل حيث يقول ذلك الشاب إن أخواتي يلبسن في المنزل ملابس ضيقة من بنطلونات ونحوها أو شفافة مما يُبرز مفاتنهن وأنا شاب تفور الشهوة في جسدي وهن لا يُقدرن حالي وأبي وأمي في غفلة عن الأمر فأصبحت أخشى على أخواتي مني فاخترت البقاء خارج المنزل حتى لا أقع في محذور،فهذا شاب جهر بشكواه وكم من شاب يكتم ما به ويستحي أن يصارح والديه بما في نفسه وبالمقابل كم من فتاة أيضاً قد يتكشف أمامها اخوتها فتعاني ما تعاني ولا تستطيع الحديث بما تعاني،فهل يتنبه الأباء والأمهات لهذه القضية؟ وهناك قضية أخطر منها يفرط فيها بعض الأباء والأمهات ألا وهي ترك الأبناء ذكوراً وإناثاً في الليل وبالذات في ليالي الإجازات يتابعن فحش القنوات بينما يذهب الأبوان للنوم،فيرى الأبناء ما يهيج الغرائز ويثير كوامن الشهوات وهم في قمة الاشتعال ينظر الولد فلا يرى إلى جواره إلا أخته وتنظر الأخت فلا ترى إلى جوارها إلا أخاها والقلب قد ضعف الإيمان فيه والليل يسترهم بظلمته والأبوان نائمان فيقع المحذور وقد تتكرر الجريمة وقد سمعنا وسمعتم بوقوع مثل ذلك فمن بالله عليكم الجاني هنا ؟
ومما تقع فيه بعض النساء التخفف من الملابس داخل البيت بشكل يبدي العورة والتزين بحجة أنها تتزين لزوجها فنقول لها إن زينتك لزوجك أمر حث عليه الشرع وهو مما تؤجرين عليه الأجر العظيم لكن لا يكون ذلك بشكل فاضح أمام الأولاد،وليكن في المخدع الخاص حيث لا يراك إلا هو،فتذكري أنك قدوة لبنياتك وهم ينظرون إليك ما ذا تفعلي فيقلدونك.ومن الأخطاء التي يقع فيها البعض داخل المنزل معاملة الخادمات حتى أن شاباً جاء يستنجد بداعية يقول له إن أبي يقول بأن الخادمة ملك يمين فأرجوك أن تبين له،فجاء الداعية وأخذ يحاور ذلك الأب الذي كان مقتنعاً بما زينه الشيطان له وأقنعه بعد جهد كبير،ولا يُتصور أن هناك الكثير ممن عندهم نفس التصور ولكن هناك من عنده تساهل في الأمر فالخادمة تحضر الطعام وأفراد الأسر جالسون من أب وأبناء في سن المراهقة ولا يرون في ذلك بأساً ومنهم من يكون عنده حرص أكبر فيأمرها أن تغطي شعرها،ومنهم من تُحضر له كأس العصير أو الماء أو تحضر له ملابسه،فنقول لأمثال هؤلاء أيها الأحبة إن الخادمة امرأة أجنبية لا يجوز للرجل أياً كان أن يُحادثها أو ينظر إلى وجهها أو أي جزء من بدنها،نقول لمن يفعل ذلك هذه امرأة مسلمة اضطرتها الظروف إلى هذا العمل ولو كانت زوجتك أو ابنتك في مكانها أكنت ترضى أن تعامل كما تعاملها أنت؟ومن الأسر من تذهب الزوجة إلى العمل أو إلى مناسبة من فرح أو نحوه وتترك الرجل مع الخادمة ! أو يخرج الأبوان ويتركان شباباً في سن المراهقة مع الخادمة بحجة أن أمامها أعمال يجب أن تنجزها وأن الأولاد قد أحسنوا تربيتهم ! فنقول لهؤلاء أن هذه خلوة محرمة شرعاً يقول فيها صلى الله عليه وسلم : ((..أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ..))([6]) ،وكم عن نتيجة هذا التساهل من قصص تستحي منها الفضيلة، ويخجل منها الحياء .أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ()وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ()}([7])
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن في المقابل هناك من تفرط من النساء في التعامل مع الرجال الجانب ممن يقومون على خدمة الأسرة أو ممن هم على كفالة الزوج فنجدها تتحدث مع السائق في كل صغيرة وكبيرة مع أن هناك في البيت من يكفيها المؤونة من زوج وأولاد،وكذا قد يُتساهل في ذهاب البنات معه منفردات إلى السوق أو إلى المدرسة فلماذا لا يوصل البنات أولاً ثم يوصل الأولاد؟وكم تنشأ من مفاسد نتيجة التساهل في مثل تلك الأمور التي قد ينظر البعض من الناس إليها أنها بسيطة وليست ذات شأن.ومما يُتساهل فيه الهاتف والرد عليه فيكون في البيت الرجال والأولاد لكن تلاحظ أن المرأة أو البنت هي أول من يرفع سماعة الهاتف ! فلما لا يتم وضع نظام بأن أول من يرفع السماعة في البيت الرجل أو الأولاد فإن كانت المتصلة امرأة تم توصيلها بمن تريد ،لأن البيت الذي غالباً ما ترد فيه النساء يطمع فيه سفلة القوم من المعاكسين ونحوهم ، بينما إذا وجدوا أن في كل اتصال يجيبهم رجل فإنهم سوف ييئسون من ذلك البيت،ومن التساهل في هذا الأمر أن يكون لكل شاب أو فتاة بالبيت هاتف خاص به في غرفته يحدث فيه من يشاء،فيكون عرضة لمكر الشيطان وكيده.والموضوع يطول ولكن حسبي ما ذكرت والأمور يقاس عليها، واسأل الله أن يجنبنا جميعاً وأهلينا المزالق والفتن إنه ولي ذلك والقادر عليه.